جولة في ربوع المجتمع.
جولة في ربوع المجتمع.
فهيم سيداروس
فلسفياً:
كل فردٍ فينا، وإن ظن أنه مستقل، ليس سوى نتاج لمجتمع صاغ وعيه، وغرس معاييره، وحدد له ملامح الممكن والمرفوض.
إجتماعياً:
الجهل، العنف، أو حتى الإبداع…
لا يولد من فراغ، بل هو نتاج مجتمع إما وفر بيئة خصبة، أو غيب الوعي طويلا.
نقدياً:
لا تلم الأفراد وحدهم، فبعض الأخطاء ليست شخصية، بل نتاج مجتمع عطب المنطق، وشرعن التناقض .
في الخمسينات والستينات رغم التجاوزات...
كان فيه دولة تنتج فنا للتأديب والتهذيب وتدعم الثقافة للنمو، والسمو لذا كانت معدلات الجريمة والفساد في حدود المعدلات الطبيعية كما في الدول المحترمة..
فى أواخر الخمسينات والستينات كان زكريا الحجاوى يجول مصر بطولها وعرضها وشرقها وغربها وشمالها وجنوبها على حسابه الخاص لإكتشاف المواهب فى الفن الشعبى، وأستطاع إنه يقدم لنا فنانين كتير فى هذل المجال
كان يوجد المناخ الجيد والبيئة الصالحة هو ينتج مبدعين، وفنانين عظماء،
المجتمع كله ومعه الدولة يشتركوا فى إنتاج النماذج المبدعة..
أم كلثوم منتج مصرى أصيل كان نتاج بيئة ثقافية تحب الفن وتشجع المواهب وتحتضن الموهوبين،
وبيئة سياسية كان فيها قدر من الحرية يسمح للمواهب الحقيقية بالترقى والصعود
منتج مجتمعى الكل شارك فى إنتاجه ودعمه، بيئة سليمة صحيحة تقدر تنتج هذه النماذج لتسحب المجتمع للإمام..
هذا
قبل أن تتصاغر الدولة وتصير عزبة سمك لبن تمر هندي سداح مداح خلطبيطة...
كوكتيل عطارة وفهلوة وشطارة..
فمن سمات بيئة العمل السلبية:
-ينتشر فيها الظلم بشكل كبير
-يكثر بها التذمر والتشكي والاحباط
-تكثر بها الشائعات والغيبة والنميمة والقيل والقال
-يتم محاربة الناجحين فيها لقتل طموحهم
-يغيب عنها الإنجاز والعمل
-تكثر فيها المشاكل والصراعات
-تكثر بها المحسوبيات والواسطات.
هل صعب جدا في وجود تيارات دينية؟
ففى أواخر التسعينات الرئيس مبارك رأي الموهبة الصغيرة أمال ماهر وعجبة صوتها جداً وأمر برعاية تلك الموهبة وأحضروها تغنى فى إحتفال الألفية فى سفح الهرم وهذه كانت فرصة عظيمة لها وفعلاً غنت شمس الأصيل للست أم كلثوم، والكل أعجب بها وفرح جدا بوجود صوت ممتاز، وموهبة جميلة..
وتمر السنين وتعدى الأيام وتختفى آمال ماهر، أو تكاد بدون ما يكون لها ذكر ولا يكون لها أغانى يرددها الجمهور المتعطش للفن الحقيقى، وفشلت التجربة وضاعت علينا موهبة ممتازة..
الآن هل لدينا هذه البيئة؟
هل لدينا هذه الثقافة؟
هل لدينا هذا المناخ من الحريات؟
هل لدينا جمهور متذوق للفن؟
قبل ما نبحث، وندور عن أم كلثوم، لابد أن نمهد لها السبيل، ونجهز لها الأرض الصالحة حتي تطرح فيها فن، وثقافة، ومعرفة..
كيف نضع السيدة أم كلثوم والشيخ الشعراوي معا في كفة واحدة أو جملة مفيده.
لأن فضيلة الشيخ الشعراوي من الأصوليين الأكثر تأثيرا الذين
إستثمروا جهد كبير جدا في إغتيال الفن، والإبداع.
إذا تتبعنا خط بياني واضح جدا يربط صعود ظاهرة الشعراوي بتجريف نبع الفن والإبداع المصري
أم كلثوم هي إبنة الليبرالية المصرية التي انتعشت لفترة وجيزة من تاريخنا في بداية القرن العشرين ليمتد نورها لمنزل ريفي بسيط في قرية طماي الزهايرة،
حيث رب الأسرة هو إمام مستنير، لمس الموهبة وحلاوة الصوت في ابنته ذات الثانية عشر،
فشجعها أن تشدوا وأن يصل صوتها لكبار الموسيقيين المصريين، لتنتقل إلى القاهرة وتدشن مسيرتها الفنية الفريدة وموهبتها الساحرة التي أسرت قلوب كل شعوب المنطقة، بل وامتدت عالميا أيضا.
لو أم كلثوم موجودة انهاردة يا ريس مش هتلاقيها بتغني عشان تبعت كشافين يكتشفوها.. كبيرها هتغني لنفسها تحت طبقات من التكفين المادي والمعنوي..
بسبب الأصولين
الذي إختزلوا المرأة في مجرد عورة ومصرف لشهوات الرجل..
وكتموا أصوات الليبراليين عورتها..
موهبة، ووعي، وشخصية أم كلثوم جوهرة نادرة محتاجة فعلا مجهود كبير لإكتشافها..
إنما فضيلة الشيخ الشعراوي منه كتير جدا..
في كل قرية ،وكل نجع، وكل مدينة، وكل منطقة فيه شعراوي.. فيها أصولي
في وجهة نظري المشكلة مش في وجود ام كلثوم، أو الشعراوي..
المشكلة في طريقة البحث
لما يغلق قصور الثقافة ومحو الفلسفة، واللغات، والفن، والموسيقى من التعليم...
بعد هزيمة مصر العسكرية أمام إسرائيل في يونيو 1967...
السيدة أم كلثوم تبرعت بمجوهراتها لجيش مصر و حثت سيدات كثيرات ليتبرعن بمجوهراتهن لجيش مصر...
و دارت في كل الدول لعمل حفلات تتبرع بما تدره لجيش مصر.
بينما غيرها شكر الله بشدة على هزيمة مصر العسكرية.
تعليقات
إرسال تعليق