سياسة الإعتذار وسياسة التسامح



سياسة الإعتذار وسياسة التسامح

فهيم سيداروس 

ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ أراد صاحب البيت رفع التبن فوجد تحت كوم التبن ﺻﻐﺎﺭ أفعى ...

ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣنه ﺇﻻ ﺃﻥ حمل ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻗﺮﻳﺐ ﺁﻣﻦ وبدأ يراقب تصرف الأفعى التي جن جنونها ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺻﻐﺎﺭﻫﺎتحت كوم التبن...

ﺍﺗﺠﻬﺖ الأفعى ﺻﻮﺏ ﺇﻧﺎﺀ ﺍﻟﺤﻠﻴﺐ .. ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺑﻔﺮﺯ ﺳﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻴﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺎﺀ...

ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥﻭﺟﺪﺕ ﺻﻐﺎﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻗﺮﻳﺐ.. ﻋﺎﺩﺕ، ﻭﺭﻣﺖ بنفسها ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻠﻴﺐ ﺛﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻪ...

ﻭﺍﺗﺠﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺭﻣﺎﺩ ﺍﻟﺘﻨﻮﺭ ﻭﺃﺧﺬﺕ ﺗﺘﻘﻠﺐ فيه ﻟﻴﻠﺘﺼﻖ ﺍﻟﺮﻣﺎﺩ ﺑﺠﺴﻤﻬﺎ.. ﺛﻢ ﻋﺎﺩﺕ ﻭﺩﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﺇﻧﺎﺀ ﺍﻟﺤﻠﻴﺐ ﻟﻜﻲ ﺗﻌﻴﺒﻪ

ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ..

العبرة

ﻗﺪ ﻧﺘﺼﺮﻑ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻛﺎﻷﻓﻌﻰ ﻭ ﻧﻠﻘﻲ ﺑﺴﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ..

ﻓﻬﻞ نفكر في الإعتذار ﻣﺜﻠﻤﺎ إﻋﺘﺬﺭﺕ ﻫذه ﺍﻷﻓﻌﻰ؟

قليل من الناس إذا أكتشفت أخطائها تتراجع عن فعله، أو أفكاره، وتعتذر (إلى أصحاب الأذواق، والأخلاق، ومن العائلة طيبة التربية مثل الصدق، و عدم الغش، و الكذب، والإبتعاد عن كل ما هو مشكوك فيه)..

‏عن رقي الإعتذار..
‏كتب أخ إلى أخيه يعتذر منه فقال

"مثلي هفا و مثلك عفا"

فأجابه: 

"مثلك اعتذر ومثلي غفر"
ما ألطف الإشارة وأوجز العبارة بين الأخوه 

خير ما نعيشه.. هو العفو، و الصفح، والتسامح مع من أساء إلينا، أو ظلمنا، أو إغتابنا حتى ينالنا عفو الله..

‏الإعتذار فن لا يجيده معظم الناس.. فالبعض يكابر فيزيد الخطأ خطأً، والبعض يحاول التبرير فيزيد الآخرين غضبا..
أما رفضك لمبدأ الاعتذار من أساسه فيتسبب بهرب الناس منك وفقدك شخصا عزيزا في كل مرة.. وفي المقابل يحول الاعتذار اعداءك إلى محبين، ويمنحك فرصة جديدة مع الآخرين، ويجعل "الآخرين" يتحدثون معك بكل صراحة..
والاعتذار بدون شك صعب على النفس كونه يتضمن اقرارا وتنازلا واعترافا بحق الطرف الآخر.. ولكنه في المقابل يثبت كم أنت شجاع وذكي ونبيل في أخلاقك.. حين ترى (صاحب السعادة) يعتذر لخادمه وسائقه وطفله الصغير فأعلم أنه ليس رجلا حكيما فقط بل ويملك شجاعة ذاتية وقيمة أخلاقية يفتقدها معظم الناس..

المشكلة أننا جميعًا نعتذر ولكننا نرتكب أخطاء تقلل من قيمة الاعتذار ذاته.. فمن الخطأ مثلا أن تعتذر مبررا أفعالك أو راميا وزرها على الطرف الآخر.. لا تقل شيئا مثل (آسف ولكنك أجبرتني على ذلك) أو (ولماذا لم تفهم أنت قصدي) أو (سبق وأخبرتك أنني عصبي).. لا تمزج اعتذارك بالنصائح المستهلكة مثل (لو كنت مكانك لفعلت كذا وكذا) أو (لماذا لم تتصرف معي بشكل أفضل) أو (الأيام كفيلة بحل هذه المشكلة)..
الاعتذار يتعلق دائما بالطرف الآخر ولا يجب أن يتضمن نصيحة أو شرطا أو حتى شرحا لأسباب تصرفك.. أحرص على عدم تحوله لجلسة محاسبة أو فتح للملفات القديمة وقدمه بطريقة مختصره ومدروسة.. ‎‏‎إن الإعتذار أدب ديني، وخلق إجتماعي،
وهو من أقوى الصفات التي تدل على التواضع والتسامح،
 وهو أسلوب يحسن صورة صاحبه ويبعد عنه سوء الظن حين يصدر منه الخطأ..

لذا وجب علينا الإعتذار عند الخطأ كما يجب علينا إعذار من أخطأ في حقنا والعفو عنه والصفح..

‏التهاون مع الإهانة المستمرة حفاظا على العلاقة هو إنتقاص لقيمتك، و إجحاف بحق نفسك

التسامح صفة الطيبين الشجعان
لكن عندما يتحول إلى قبول للمهانة، يصبح ضعفا لا مروءة..
من يتكرر أذاه لا يعبأ
 بمشاعرك، فكيف تمنحه حق البقاء
الكرامة إن سقطت مرة لن تستعاد بسهولة
فلا تجعل صبرك مبررا.

‏نسامح ولانقبل التعامل معهم مره اخرى
نتجاوز ولانتعافى من أثر الموقف
نتناسى لكن نتجنب كل مايثير ذاكرتنا
هناك حواجز تبنى بسبب كلمة موقف تفاصيل
حواجز تجعلنا نفكر ونتردد بعد تلقائية، وعفوية تسلبنا شعور الأمان ليتوقف بعدها العطاء والمودة
بعض الحواجز أكبر من قدرتنا علي التسامح أو التغافل…

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إستغاثات من معلمي و معلمات مدرسة ابو الهول القومية المشتركه‏ بمحافظة الجيزة

إستغاثة إتحاد طلاب مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا (STEM)

كارثة سقوط الأسانسير بمحافظ الغربية أثناء إفتتاح قسم الحضانات بمستشفى كفر الزيات