الله يرحم أيام زمان
الله يرحم أيام زمان
د. منى الرفاعى
كان هناك زمن تحكمه الأخلاق وتزينه المبادئ زمن كان فيه العيب حاجزا يحفظ البيوت ويصون الأعراض كان الشاب يستحي أن يرفع عينه في جارة أو يجرؤ أن يقترب من أخت صديقه وكانت الفتاة تستحي أن تدخل بيت صديقتها وزوجها موجود أو تفكر أن ترتبط بطليق صاحبتها كانت القلوب نقية والنوايا صافية
كان من العيب أن نزور بلا استئذان وكان من العيب أن تبيت الأخت عند أختها المتزوجة وكان من العيب أن يجلس الشباب بوجود والد صديقهم دون احترام وكان من العيب والحرام أن تجلس المرأة مع رجل وحدهما فذلك خلوة نهى عنها الشرع واستقبحها العرف كان العيب مدرسة تربى على الحياء والخوف من الله قبل أن يكون خوفا من كلام الناس
كانوا إذا اختلفوا تصالحوا وإذا خاصموا عادوا وإذا أخطأوا اعتذروا صلة الرحم كانت مقدسة والقلوب متآلفة لا يحملون في صدورهم ضغينة ولا يتركون للشيطان مدخلا
كان الكبير كبيرا يُطاع والصغير صغيرا يُربى وكان موت أحدهم يعني حزنا صادقا لا ترفيها ولا ضحكا كانت البيوت مطمئنة لأن الأمهات والآباء كانوا يربون على الأصول ويغرسون في الأبناء الخوف من الله والحياء من الناس
وحين غابت الأخلاق وتلاشى الحياء تبدل الحال فاشتد البلاء وضاقت الصدور وتقطعت الأرحام وصرنا نردد بحسرة الله يرحم أيام زمان
لكن الأمل لا يزال قائما فما زال فينا من يتمسك بالحياء وما زال فينا من يغار على القيم وما زال فينا من يخشى الله قبل الناس فلنحيي ما اندثر ولنعيد للعيب هيبته وللحياء جماله وللأخلاق قوتها فربنا كريم إذا صدقنا النية وغيرنا من أنفسنا غير الله حالنا وكان لنا في عودة تلك الأيام نصيب
فالعيب كان حصنا والحياء كان زينة والأخلاق كانت تاجا على الرؤوس
تعليقات
إرسال تعليق