التغيرات المناخية: خطر يهدد كوكب الأرض



التغيرات المناخية: خطر يهدد كوكب الأرض 

بقلم: باسم فضل محمد مسعود

مدير إدارة نظم المعلومات الجغرافية والحوكمة بوزارة الري – إقليم وسط الدلتا
نائب المنسق العام لمؤسسة القادة – 

التغيرات المناخية: خطر يهدد كوكب الأرض ومصر في مرمى النيران من ٢٠٢٥ حتى 2050


في الوقت الذي تدق فيه منظمات البيئة العالمية ناقوس الخطر، تتجه أنظار العالم إلى أزمة تزداد حدة يومًا بعد يوم: التغيرات المناخية، التي لم تعد تهدد التوازن البيئي فحسب، بل باتت تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة ملايين البشر، ولا سيما في الدول النامية.

فمن خلال تقارير علمية متتالية، أبرزها الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، بات واضحًا أن الارتفاع في درجات الحرارة العالمية قد يتجاوز 1.5 درجة مئوية خلال العقدين القادمين، ما يعني موجات حر غير مسبوقة، تدهورًا في الإنتاج الزراعي، نقصًا في الموارد المائية، واضطرابات اقتصادية واجتماعية.

كوكب الأرض: من الاحترار إلى الإنذار

وفقًا لدراسة نُشرت في دورية Nature Climate Change عام 2023، فإن ما بين عامي 2025 و2050 ستكون التغيرات المناخية أكثر حدة مما مضى، حيث تشير البيانات المناخية المستمدة من الأقمار الصناعية ونماذج المحاكاة الرقمية إلى تزايد الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف، خاصة في المناطق شبه القاحلة.

تؤكد دراسة حديثة لجامعة ستانفورد أن أكثر من 3.5 مليار إنسان قد يعيشون في مناطق معرضة لنقص مياه الشرب بحلول 2050، فيما أظهر تقرير "الوكالة الأوروبية للبيئة" أن الاحتباس الحراري يهدد بانهيار النظام الغذائي العالمي إذا لم تُتخذ إجراءات جذرية.

مصر على حافة التغير المناخي

رغم أن مصر لا تمثل سوى 0.6% من انبعاثات الكربون العالمية، إلا أنها تقع ضمن الدول الأكثر هشاشة مناخيًا. وتُعد دلتا النيل من أكثر المناطق عرضة لخطر ارتفاع منسوب سطح البحر، حيث قد يؤدي ذلك إلى فقدان ما يقرب من 15% من الأراضي الزراعية الخصبة بحلول 2050، حسبما ورد في دراسة للبنك الدولي بالتعاون مع وزارة البيئة المصرية.

كما يتوقع المركز القومي للبحوث أن درجة الحرارة في مصر قد ترتفع بمعدل 2 إلى 2.5 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الحالي، ما سيتسبب في ارتفاع معدلات التبخر ونقص كميات المياه المتاحة، بالإضافة إلى موجات حر قاتلة تضرب مناطق الدلتا والصعيد.

العلماء في سباق مع الزمن

أثبتت الأبحاث أن الحلول الجذرية لا تأتي سوى من بوابة البحث العلمي والتكنولوجيا الخضراء. ففي ألمانيا، يعمل علماء معهد "ماكس بلانك" على تطوير نماذج مناخية أكثر دقة تتوقع التغيرات المستقبلية على المستوى الإقليمي. أما في اليابان، فوكالة JAXA تستخدم الأقمار الصناعية لرصد ورسم خرائط الغطاء النباتي المتأثر بالجفاف في أفريقيا، مما يفيد مباشرةً مراكز الدراسات في مصر والسودان.

وقد طورت جامعة "أريزونا" الأمريكية بالتعاون مع "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)" أصنافًا جديدة من القمح تتحمل الحرارة العالية والجفاف، وهي تجارب بدأت وزارة الزراعة المصرية الاستفادة منها في مشروع مستقبل مصر الزراعي.

رؤية مصر 2030 وتحديات 2050

تسير مصر بخطى متقدمة في استراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ 2050، والتي تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وتقليل انبعاثات الكربون، وتعزيز قدرات التكيف. كما أطلقت الحكومة مبادرات مثل:

"حياة كريمة بيئية"،

"مبادرة التكيف الذكي للزراعة"،

"مشروع الطاقة الشمسية في بنبان"،

"نظام الإنذار المبكر للفيضانات".


وتعمل وزارة الموارد المائية والري على تطبيق نظم GIS ونماذج الهيدرولوجيا للتنبؤ بتأثيرات تغير المناخ على الموارد المائية، بالتعاون مع المركز القومي لبحوث المياه وهيئة الاستشعار عن بعد.

خاتمة: بين العِلم والمصير

في ظل هذا المشهد، لم يعد التعامل مع التغير المناخي خيارًا، بل ضرورة وجودية، خاصة للدول التي تقع في قلب الخطر مثل مصر. ويبقى العلم، بما يحمله من أدوات وأفكار، هو السبيل الوحيد لمواجهة التحدي الأعظم الذي يواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إستغاثات من معلمي و معلمات مدرسة ابو الهول القومية المشتركه‏ بمحافظة الجيزة

إستغاثة إتحاد طلاب مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا (STEM)

كارثة سقوط الأسانسير بمحافظ الغربية أثناء إفتتاح قسم الحضانات بمستشفى كفر الزيات